إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
تفسير سورة الكهف
29010 مشاهدة
الاستدلال على نبوة الخضر وذكر الخلاف

ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا أي هذا تفسير ما رأيته، ولم تستطع التصبر والتحمل عليه، ثم اسْتُدِلَّ بقوله: وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي على أن الخضر نبي، كأنه يقول: فعلته بأمر الله، وبوحي من الله أوحاه إلي وألهمني وأمرني به؛ فدل على أنه من جملة الأنبياء، ما ذكر في القرآن اسمه، ولكن ذكر في الحديث أن اسمه الخضر وقد وصف بأنه عبد: عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا والعبودية: تعم الأنبياء والصالحين وغيرهم.
ولكن هل هو نبي أم غير نبي؟ فالذين قالوا: إنه نبي يوحى إليه، قالوا: إن الله تعالى دل موسى عليه، مع أن موسى من رسل الله، ومن أولي العزم، وأن موسى احتاج إلى أن يتعلم منه؛ فذلك دليل على فضله ودليل على رفعة مكانته.
كذلك أيضا: وصفه بقوله: آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا آتاه رحمة من الله، وذلك دليل على أن الله آتاه هذه الرحمة مباشرة؛ يعني: رقة في قلبه، ورحمة بالمؤمنين، وذلك يدل على أنه من رحمته بالناس، أنه يدعوهم، ويبلغهم، ويعلمهم، وذلك من خصائص من ينزل عليه الوحي.
كذلك أيضا قوله: وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا هذا يقال له: العلم اللدني؛ يعني: العلم الخاص، الذي يخص الله تعالى به من يشاء، علمناه علما خاصا من عندنا؛ فهذه أدلة على أنه من جملة الأنبياء.
كذلك ما ورد في الحديث من أنه قال : إني على علم مِنْ عِلْمِ الله علمنيه، لا تعلمه -علمنيه- .
كذلك أيضا: اعترافه بأن علمه قليل بالنسبة إلى علم الله، ورد في الحديث: أنهما لما ركبا في السفينة جاء عصفور، ووقع على حرف السفينة، فنقر من الماء ..